نجح الطلاب.. ورسبت الوزارة – وكالة عربي اليوم الإخبارية
نجح الطلاب.. ورسبت الوزارة .. هل تغفروا حزني ؟، !!إني من شدة إيماني بالبلاد وأملي الكبير ومعرفتي بحجم الاستهداف العالمي نذرت لساني للصمت عن كل الأداء الحكومي، لكني في لحظة حزن على جيل يتداعى دون أن يغير القائمون على تلك الأمانة برامجهم اليومية وعلاقاتهم وبروتوكولات حياتهم .
وكالة عربي اليوم الإخبارية
حين تناضل للابقاء على حياة كائن حي ويموت تحزن كثيراً وتتساءل أين قصرت أو هل قصرت؟!! حتى تسامح نفسك، وقد تسهر في خشوع المراجعة ليرتاح ضميرك القلق إزاء أفعالك، ولكن هل ينام الذين في أعناقهم مصير جيل وأجيال ؟!! هذا سؤال صعب ولا أملك جوابه!
ربما فعلاً هم قلقون ( الوزارة ) على مستقبل الوطن، ولا ينامون مثلي عندما أشك في لحظة أني قصرت في حق أحد، فقد عهدنا محبين للوطن حقيقيين في هذا الوطن نذروا أنفسهم لأجله قولاً وفعلاً، ولكن بالتأكيد هناك خلل في المعالجة طالما الأمور تنحدر للأسوأ، ليست مشاكلنا مستحدثة فالدروس الخاصة عمرها عقود في البلاد والرواتب المتدنية كذلك الأمر .
ولكن المعلم بقي نبراس عطاء وقدوة لمن يعلمهم رغم ذلك وقد شهدنا اجتهادات لمدرسين يدخلون صفوفهم بالحب ويخلعون مآسيهم قبل دخول الحصة ويقدمون للطلاب عصارة عطائهم، وكالعادة نجحت الوزارة في نسب واستثمار جهودهم الفردية لنفسها وهذا خير في إطار علاقة تكاملية لكنه ليس خيراً إذا كان تلظياً وتهرباً من استحقاقات لا يتم تنفيذها .
على كل حال، أعداد المتفوقين ليست مؤشراً على واقع التعليم، ونجاعة الوزارة فنحن من اشتهرنا بالطالب الذي يدرس تحت مصابيح الشوارع، فالتفوق صراع البقاء الأزلي ضد الفقر ولأجل التميز والابداع.
لكن ربما يكون عدد الاعتراضات ومقدار تبدل العلامات قبل وبعد مؤشراً وتراجع المناهج وتسطحها وزيادة نسب الغش رغم العقوبات اللارحيمة واللاتربوية والمدمرة لمن يتم كشف غشه حتى لو كان الموضوع استنسابي، يطرد الطالب ثلاث سنوات بحالة الغش بمعنى يتم إرساله الى شوارع الضياع في بلد ينقطع فيها الإنترنت وقت الامتحانات لعجز الوزارة عن حماية أسئلة الامتحانات من التسرب.
اعذروني هذا ليس مقالاً نقدياً، هذا مقال بوح حزين ومرثية ألم كبتها في صدري طويلاً لأجل الوطن، الوطن الذي كانت لجنة ذات يوم تكتب له المنهاج فاختارت بيتاً من الشعر المهترئ لواحد من العملاء ووضعتها في منهاجها المدرسي قبل أن يتم تدارك الأمر بعد افتضاحه إعلامياً، ولجنة أخرى أو هي نفسها وضعت للمراحل المبتدئة بالخطأ صورة لها علاقة بالمثلية الجنسية وصمتنا لأجل الوطن.
أخطاء غير مقصودة كثيرة، ندفع ثمنها من عمر أجيالنا بصمت وصدر رحب، فقد تراجع واقع المدارس وحجم التسرب وأعداد المشردين يتزايد، وبالمناسبة هي مهمة التربية والخدمات وكل من هم في أي بلد، ضمن معادلة الوطنية والضمير الإنساني.
منذ حوالي سبع أو ثمان سنوات وحتى الآن كل ما تفعله وزارات التربية المتعاقبة هو نسب جهد الطلاب لنفسها وماعدا ذلك لايوجد سوى عقود ومناقصات الطباعة يقابلها تسطيح وتسطيح .. عندما قرأت كتاب الفلسفة للصف الثالث الثانوي حزنت كثيراً كثيراً وتمنيت لو كنت ما زلت أحتفظ بنسخة كتاب مشكلة المعرفة والفلسفة الذي تقدمت لامتحان فيه عام 2000، كنا نتذمر من ضخامته ومن الكتابين الملحقين به المنطق والأخلاق .. لكني ما زلت أذكر ما تعلمته عن نظرية إرادة التفوق لآدلر بالمناسبة كان ذلك سؤالاً بالامتحان على ما أذكر ..
وما أصعب أن تنزف الذاكرة ضمير وطن.
ميس الكريدي – كاتبة وإعلامية سورية – عضو اللجنة المصغرة عن المجتمع المدني.
اقرأ أيضاً: سيف الدولة والمتنبي وحفنة المتآمرين